الخميس 18-09-2025

الغمر ..والباقورة و«مسمار جحا»!!

المفترض إن قرار إسترجاع منطقتي الباقورة والغمر نهائي إستناداً لإتفاقية السلام مع إسرائيل، إتفاقية وادي عربة، التي نصت بنودها المتعلقة بهذا الأمر على أن مدة تأجير هاتين المنطقتين الأردنيتين هي خمسة وعشرون عاماً يحق للدولة الأردنية قبل عام من إنتهائها إبلاغ «الطرف الآخر» بأنه لا يرغب في تمديد هذه الفترة وحيث كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أدلى بتصريح قال فيه بأنه يحق للأردنيين إستعادة كافة أراضيهم.. لكنه وكالعادة قد حاول الدخول في مفاوضات حول إمكانية تمديد هذه الإتفاقية، التي غدت منتهية، إلى فترة زمنية أخرى مماثلة.

وبالطبع فإن الموقف الأردني، حسب ما جاء في «تغريدة» جلالة الملك التي أعلن فيها إستعادة الأردن لأراضيه هذه بعد الإنتهاء العملي لما جاء في إتفاقية وادي عربة الأردنية – الإسرائيلية، بخصوص الباقورة والغمر، كان قاطعاً ومانعاً وأنه يرفض أي مفاوضات على هذا الصعيد وفي هذا الشأن مع إمكانية «التشاور» لإستكمال تطبيق هذا القرار وبخاصة في ما يتعلق بما إذا كان للمزارعين الإسرائيليين أي حقوق من المفترض دفعها إليهم.

وحقيقة أن إستخدام مصطلح «المشاورات» هو تلطيف لمصطلح «المفاوضات» إذْ أن «التشاور» يجري في العادة بين طرفين متفاهمين وحيث أن كل طرف يعرف ما له وعليه أما «التفاوض» فهو يعني أن هناك خلافاً بين هذين الطرفين وأنه، بالنسبة للقضية المطروحة، لا تزال هناك بعض الأمور العالقة وهذا يجب أن نكون واضحين فيه فالأردن قد إستعاد أراضيه وفقاً لما نصت عليه إتفاقية دولية صادقت عليها الأمم المتحدة وأيدتها معظم الدول الفاعلة والمؤثرة في العالم كله وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية.

وهذا يعني ومرة أخرى أنه لا تفاوض إطلاقاً مع الإسرائيليين على هذه القضية الوطنية التي غدت منتهية ومحسومة وأنه إذا كان لا بد من «التشاور»!! فإن هذا يجب ألا يعني وعلى الإطلاق الحديث مجدداً عن تأجير هذه الأراضي الأردنية إن بالصيغة السابقة المرفوضة، التي يعتبر تجديدها تحدياّ لإرادة الشعب الأردني وتطاولاً على سيادة الدولة الأردنية، وإن بأي صيغة أخرى وحتى وإن كانت مخففة إن من ناحية النص وإن من ناحية المضمون..إن حكاية «التأجير» هذه قد إنتهت وولت وبدون أي رجعة وإننا نعرف أن الإسرائيليين يحاولون إستدراجنا إلى صيغة يكون تطبيقها كـ»مسمار جحا» .. المعروف في القصص والأمثال العربية.

والسؤال الذي من المفترض أنه يطرح الآن «رسمياًّ» وكما يطرح وبقوة شعبيا هو: على ماذا «نتشاور» مع الإسرائيليين يا ترى مادام أن نصوص معاهدة السلام معهم واضحة ولا لبس فيها وما دام أن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وما دام أن نوايا إسرائيل معروفة ومكشوفة.. وأنها تريد أن يكون لها على أرضنا «مسمار جحا» وجحا هذا كان قد إستأجر في منزل أحدهم «مغزاًّ» لمسماره.. ولكنه دأب على زيارة هذا المسمار يومياًّ وبدون إستئذان.. وأنه كان يعلق فيه لحوماً نتنة وأشياءً مؤذية..وهكذا إلى أن إضطر صاحب المنزل إلى بيع منزله لصاحب المسمار بأرخص الأثمان وهذا بالنسبة للأردن والأردنيين لا يمكن أن يحصل وهو لن يتم على الإطلاق حتى وإن ذهبت إتفاقية وادي عربة إلى الجحيم!!.