الأربعاء 17-09-2025

رمضان بلا كاميرات


للصوم طبيعة روحانية، والثواب من الله، العَالمُ بما تخفي الصدور، والتقرب اليه من أجل أجر وطلب مغفرة يزداد في الشهر الفضيل، لكن مقتضيات العبادة والبر والاحسان والصدقة لا تتوافق مع المَن والأذى.

فكيف يكون رمضان بلا كاميرات، تفضح الفقراء والمحتاجين والايتام، فلا يعقل ان ترافق كاميرات الاعلام والتواصل الاجتماعي كل محُسن في جولاته التبرعية، فطرد غذائي بعشرة دنانير يوصم امرأة مسنة نال منها الفقر والزمن، ويُشهر بحاجتها، وقد ينال من أبنائها وأحفادها طيلة الحياة، ومحتاج بملابسه الرثة يرتاد الخيم الرمضانية بحثا عن لقمة افطاره، تفضحه المؤسسات التي تقدم صحنا بكلفة دينارين تقريبا.

أما عزايم الايتام ودور الرعاية فالحديث يتشعب عن حفلات وهدايا وغناء تُجمع له التبرعات ولا يصرف جله، فجمعيات توزع طرود الخير وتقيم الافطارات وترعى الايتام على حساب المحسنين، ولا يتعدى دورها الاداري المحاصصة والاقتصار على ذوي القربى والمعارف وبدل نفقات ادارية.

قاعدة الصدقة، ان لا تعلم يدك اليسرى ما قدمته يدك اليمنى، وقد يجتهد البعض ويتحدث عن القدوة والتحفيز، ولكن شريطة عدم التشهير، وجرح كرامة الفقير واليتيم وعابر السبيل. وقمة الاستغلال ان تروج لنفسك باعمال الخير ورعاية الجمعيات والايام التطوعية، وعيونك ترنو الى مواقع المسؤولية والنيابة والبلدية، وهناك ما هو أدهى من ذلك، ان يقوم اشخاص وجمعيات بجمع التبرعات من المحسنين ورجال المال والمواطنين ويعلنون على التبرعات باسمائهم، او اسماء جمعيات يديرونها.

التصرفات الدالة على الشخصنة وعدم ابتغاء وجه االله قوامها البهرجة الاعلامية التي ترافق مسيرة توزيع المساعدات من سيارات وكاميرات واحيانا مقابلات مع الفقراء، ومن قبيل التذكير ان مصروفات الترويج والدعاية والسيارات الفارهة التي تنقل «المحسنين «كفيلة باحداث نقلة نوعية في حياة الفقراء وانعاش قرى بأكملها.